الملف الرابع: القيم الحقوقية
الوحدة: حقوق الإنسان في مجال العلاقات العامة والتعامل الدولي
أولا: تكريم الإسلام للإنسان: لقد احترم الإسلام الذات الإنسانية وكرمها، قال الله تعالى: (( ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا)) [الإسراء/70 ]، ومقتضى هذه الكرامة يستوجب حقوقا للإنسان، ليست منحة من أحد، بل هي حقوق مقررة من الله عز وجل للإنسان بمقتضى فطرته، وهي من الواجبات الشرعية التي يسأل عنها الحاكم و المحكوم، بل الفرد نفسه ملزم بتحقيقها لتتحقق له الكرامة الذاتية فأمر بالابتعاد عن كل ما يضره أو يذله ويهينه.
ثانيا: حقوق الإنسان في مجال العلاقات العامة:
1 ـ الحقوق والحريات الشخصية:
أ ـ الحق في الحياة: حرم الإسلام كل اعتداء على حياة الإنسان، وأقام عقوبات على من تعدى على النفس الإنسانية، قال تعالى: (( ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق))[ الأنعام:151]
ب ـ الحق في الحرية: هي أعلى ما يشعر به المرء في هذا الوجود، فهي ملازمة لكرامته الإنسانية، قال عمر بن الخطاب لواليه عمرو بن العاص: (متى تعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً) ، فلا يجوز لأحد استرقاق غيره والاعتداء على حريته.
ج ـ حق الأمان والسلامة: فلا يحق لأحد تعذيب غيره، والتعدي عليه والحط من كرامته.
2 ـ حقوق الإنسان في علاقته بمجتمعه:
أ ـ رعاية حرمة حياته الخاصة: فلا يجوز التجسس عليه،والحديث عنه بسوء، والإساءة إلى سمعته، قال الله تعالى: (( ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضا))[الحجرات:12]
ب ـ حقه في التنقل في أرض الله الواسعة.
ج ـ حق الالتجاء إلى موطن آخر هربا من الظلم و حماية لنفسه وعرضه وحريته.
د ـ حقه في الزواج و تكوين أسرة.
ﻫ ـ الحق في التملك في حدود المشروع.
3 ـ حقوق الإنسان المدنية والسياسية:● حرية المعتقد: أقر الإسلام حرية الإنسان في الاعتقاد واعتناق الدين، وجعل العقيدة الإسلامية مبنية على أساس النظر الحر، والاقتناع والتصديق بعيدا عن الإكراه، قال الله تعالى: (( لا إكراه في الدين))[ البقرة:256]
● حرية الرأي والفكر: كفل الإسلام حرية الرأي بمبدأ الشورى قال الله تعالى: (( وأمرهم شورى بينهم))، كما فتح باب التفكير والاجتهاد في أحكام الشريعة لأهل الاختصاص، ورحب بكل نقد بناء وتحريضاً على التفكير والنظر الطليق ندد الإسلام بالتقليد في العقائد وتعطيل العقول، وكل ذلك في حدود احترام مقدسات الإسلام، والأخلاق، وحقوق الآخرين.
● الحقوق السياسية: حق مشاركة الفرد في إدارة الشؤون العامة لبلده، إما مباشرة وإما عن طريق ممثلين يختارون في حرية، ففرض الإسلام مبدأ الشورى كسبيل للوصول للاختيار الأفضل والرأي السديد، قال الله تعالى: (( وشاورهم في الأمر)) [آل عمران:159]
● الحقوق المدنية: وتشمل الحقوق التالية:
أ ـ حقوق الأسرة: ـ حق الزواج وتكوين أسرة في إطار الحقوق والواجبات.
ـ حقوق الأمومة كالنفقة والحضانة وغيرها....
ـ حقوق الطفولة ( الرعاية، والحضانة، والرضاعة، رعاية أموال اليتامى)
ب ـ الحقوق المالية: يحترم الإسلام حق الإنسان في الملكية ما لم يكن قائما على استغلال الناس.
4 ـ الحقوق الاقتصادية والثقافية والاجتماعية:أ ـ حق العمل: أعطى الإسلام للإنسان الحق في اختيار العمل المناسب له، وذلك في إطار ضوابط كعدم التجاوز على حق الآخرين واستغلالهم.
ب ـالضمان الاجتماعي: يقرر الإسلام مبدأ التكافل الاجتماعي بشكل واسع تحقيقا للعدالة الاجتماعية.
ج ـ حق التعلم: يكفي لتقرير هذا الحق أن أول ما نزل من القرآن هو قوله تعالى: (( اقرأ باسم ربك الذي خلق..))
ثالثا: حقوق الإنسان في الحرب
1 ـ احترام الإنسانية: فالإنسان محترم في حياته ومماته، وهذا نابع من قوله تعالى: (( ولقد كرمنا بني آدم)) [الإسراء:70]، فلا يجوز التمثيل بجثته فعن صفية بنت المغيرة بن شعبة قالت: ( نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المثلة) [ رواه ابن أبي شيبة]. كما لا يجوز التجويع والإظماء وقتل غير المحاربين من النساء والأطفال وكبار السن، ويُدفن قتلى الكفار ولا يتركون في الشوارع. حتى القتال لم يشرع إلا من أجل الحق ودفاعا عن الحق. و الأصل في الناس حقن الدماء.
2 ـ حسن معاملة الأسرى: يدعو الإسلام إلى إكرامهم وحرمة إيذائهم، قال الله تعالى: (( ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا، إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكورا)) [الإنسان: 8ـ9 ] وقد وضع الاسلام منهجا في ذلك يشتمل على ثلاثة عناصر: ـ حسن معاملة الأسرى حتى يبث في أمرهم
ـ المن(إطلاق سراحهم) والفداء(الفدية) لمن يرجى منهم الخير.
ـ القتل لمجرمي الحرب.
بل إن هذه السماحة مع أسرى الحرب تبدأ حتى قبل الأسر، فإذا طلب الأمان أي فرد من الأعداء المحاربين، يلزم على المسلمين قبوله، ويصبح بذلك المحارب آمنا قال الله تعالى: (( وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله ثم أبلغه مأمنه ذلك بأنهم قوم لا يعلمون)) [التوبة: 06].
أما المستأمن وهو الحربي الذي دخل دار الاسلام بأمان دون نية الاستيطان بها، فإنه إن قصد الإقامة يتحول إلى ذمي وكان له حق المحافظة على نفسه وماله وسائر حقوقه.