الحديث المنسوب إلى النبي صلى الله عليه وسلم: (اطلبوا العلم ولو في الصين) ليس بصحيح، ولم يحدد النبي صلى الله عليه وسلم علم الدين أو علم الدنيا، وإنما العلم الذي يحتاجه الناس، فإذا كانت حاجة الناس العلم الشرعي أكثر فإنه يراد به العلم الشرعي، وإذا كانت حاجة الناس لعلوم الدنيا أكثر فإنما يراد به علم الدنيا، لأن علم الدنيا إذا أردنا به خدمة الدين فهو يعتبر علم دين أيضًا، يعني العلم الصيدلي الذي تتكلمين عنه الآن هذا من علوم الدنيا ولكنه يخدم المسلمين في جانب من أهم الجوانب، فلو أنك طلبت هذا العلم بنية خدمة المسلمين وفك الاحتكار عليه فإنك بذلك تكونين من الداعيات إلى الله وتكونين من العابدات المقبلات إلى الله عز وجل بهذا العلم؛ لأن علم الدنيا فرض كفاية وإذا ما طلبه الإنسان صار فرض عين عليه كعلم الدين تمامًا، فكما أننا في حاجة إلى فقيه ومفسر فنحن في حاجة إلى الطبيب والصيدلي ونحن في حاجة إلى المدرس وإلى المهندس.
فهذه كلها أمور كلها تقوم بها الحياة، ولذلك لو طلب الإنسان العلوم الدنيوية بقصد خدمة الدين صارت علوما دينية وله عليها أجر لا يقل تمامًا عن الذي يطلب أي علم من علوم الشريعة.
أما سؤالك: ولماذا الصين؟ قطعًا لبعدها، فعلى فرض صحة هذا الكلام فإن المقصد أن الإنسان يطلب العلم من أي مكان، وكما ورد: (الحكمة ضالة المؤمن أينما وجدها فهو أحق الناس بها)، فالمعلومة حتى وإن كانت من الشيطان فإني آخذها، فإن سيدنا أبا هريرة رضي الله تعالى عنه تعلم من الشيطان قراءة آية الكرسي عند النوم، والنبي عليه الصلاة والسلام قال له: (صدقك وهو كذوب).