العلاقات الاجتماعية بين المسلمين وغيرهم
اختلاف الدين : رغم اعتقاد المسلم بكفر أصحاب الديانات الأخرى إلا أن الإسلام قد زود المسلم بمجموعة من المفاهيم تزيح من صدره النفور والضيق بغير المسلمين وتفتح له باب حسن العشرة والبر والعدل معهم واهم هذه المفاهيم :
1 ـ اعتقاد كل مسلم بكرامة الإنسان أيا كان دينه أو جنسه أو لونه قال تعالى : ( ولقد كرمنا بني ادم ) وهذه الكرامة توجب لكل إنسان حق الاحترام والرعاية
2 ـ اعتقاد المسلم أن اختلاف الناس في الدين واقع بمشيئة الله تعالى الذي منح الإنسان حرية الاختيار فيما يفعل ويدع قال تعالى : (فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ ) الكهف 29
3 ـ المسلم غير مكلف بمحاسبة الكافرين عن كفرهم
4 ـ اعتقاد المسلم بان الله يأمر بالعدل ويدعو إلى مكارم الأخلاق
أسس علاقة المسلمين بغيرهم : رسم الإسلام للمسلم مجموعة من الأسس في التعامل مع غير المسلمين نذكر منها
أ ـ التعارف : قال تعالى : (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ) الحجرات 13 فا لتعارف بين المسلم وغير المسلم لا حرج فيه لان به يتم الاطلاع على أخلاق المسلم وطبائعه
ب ـ التعايش : قال تعالى : (لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ) الممتحنة 08 وقد سافر المسلمون إلى البلاد غير الإسلامية وتعايشوا مع أهلها بأخلاق الإسلام وكان ذلك سببا في دخول كثير من هذه الشعوب في الإسلام
جـ ـ التعاون : ومما يدل على مشروعيته ما فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل البعثة في حلف الفضول وقال عنه بعد البعثة : (لقد شهدت في دار عبد الله بن جدعان حلفا ما احبّ أن لي به حمر النعم ولو ادعى به في الإسلام لأجبت ) رواه البيهقي ( اجتمع رؤساء قريش وتعاهدوا فيما بينهم على مساعدة الضعيف ونصرة المظلوم وغير ذلك من مكارم الأخلاق )
د ـ الروابط الاجتماعية : خلق الله سبحانه وتعالى البشر وأقام بينهم روابط متعددة يتعاونون بها على شؤون الحياة وحولها يتلاقون مسلمين وغيرهم ومن هذه الروابط رابطة الإنسانية ( كل البشر من ادم ) ورابطة الإقامة : فكل إنسان يقيم في بلد يشعر برابطة تشده إلى مكان إقامته وغير ذلك من الروابط ( القومية ـ العائلية ) وكل ذلك يساعد على التلاحم والتعاون والتعايش
حقوق غير المسلمين في بلد الإسلام
1 ـ حرية العقيدة : لغير المسلمين في بلاد الإسلام حرية العقيدة وعدم الإكراه على الدخول في الإسلام استنادا إلى قوله تعالى : (لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ ) البقرة 256 وقوله تعالى
أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ ) يونس 99
2 ـ حق الحماية والأمن : يعيش غير المسلم في بلاد الإسلام آمنا على دمه وماله وعرضه يمارس شعائره وعباداته بكل حرية متمتعا بكافة حقوقه قال صلى الله عليه وسلم : (أَلَا مَنْ ظَلَمَ مُعَاهِدًا أَوْ انْتَقَصَهُ أَوْ كَلَّفَهُ فَوْقَ طَاقَتِهِ أَوْ أَخَذَ مِنْهُ شَيْئًا بِغَيْرِ طِيبِ نَفْسٍ فَأَنَا حَجِيجُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ) رواه أبو داود وقال أيضا : (مَنْ قَتَلَ مُعَاهَدًا لَمْ يَرِحْ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ ) رواه البخاري أما على المستوى الخارجي فتلزم الدولة بحماية غير المسلمين في أراضيها من أي عدو خارجي يريدهم بسوء
3 ـ العدل : أمر الإسلام بالعدل مع غير المسلمين ممن لا يعادون المسلمين ولا يتآمرون عليهم فقال تعالى : (وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآَنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى ) المائدة 8 وقال تعالى : (لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ) الممتحنة 08 وقد سجل التاريخ صورا ناصعة للعدل قام بها المسلمون مع غير المسلمين
4 ـ المعاملة الحسنة : قال تعالى : (لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ الممتحنة 08 ومن صور المعاملة الحسنة : حسن الجوار وعيادة المريض وإعانة المحتاج وتبادل الهدايا وغيرها وكل ذلك يعد من العوامل المساعدة على انتشار الاسلام
5 ـ حق العمل والكسب : فلهم الحق في العمل والكسب وممارسة كل الأنشطة التجارية المشروعة
6 ـ التأمين عند العجز والشيخوخة والفقر : فهم رعايا الدولة وتلزمها مسؤولية التكفل بهم في حالة العجز وقد رأى عمر بن الخطاب شيخا يهوديا يسأل الناس لكبر سنه فأخذه إلى بيت مال المسلمين وفرض له ولأمثاله معاشا وقال : ( ما أنصفناه إذا أخذنا منه الجزية شابا ثم نخذله عند الهرم )
7 ـ حق تولي وظائف الدولة : فتسند لهم الوظائف إذا تحققت فيهم شروط الكفاءة والأمانة والإخلاص للوطن ولا تسند لهم الوظائف التي تغلب عليها الصبغة الدينية كالإمامة ورئاسة الدولة والقضاء وقيادة الجيش ونحو ذلك
8 ـ التمتع بمرافق الدولة الإسلامية وخدماتها العامة : كالمواصلات والتعليم والصحة والماء والكهرباء وغير ذلك
9 ـ ممارسة حقوقهم الخاصة : كالطلاق والزواج والإرث والوصية حسب ما تملي عليهم عقائدهم
واجباتهم في بلد الإسلام
1 ـ دفع الجزية : قال تعالى : (حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ ) التوبة 29
2 ـ ترك قتال المسلمين والتآمر عليهم وقد قاتل النبي صلى الله عليه وسلم اليهود لما غدروا بعهده في المدينة
3 ـ ترك ما فيه منكر واذاء للمسلمين كترويج المحرمات والمنكرات
4 ـ أن لا يفتنوا مسلما عن دينه ولا يتعرضوا لماله ودينه
5 ـ ترك ما فيه إساءة للمسلمين كذكر ربهم أو دينهم أو رسولهم بسوء
6 ـ احترام شعائر المسلمين ومراعاة هيبة الدولة التي تظلهم بحمايتها ورعايتها